مولودة شتوية ،
واقعة في حب الشتاء حتى الصميم ،
عشقت منه رماديته ،
هرولة ريحه و عطسات سمائه الباردة ..
عرفته في قلبي شتاءً دافئًا ،
و في ذكرياتي قناعًا ثلجيًا تنوء بحمله السماء ..
لم أعد أعرف له لذته،
تلك الكامنة في الدفء تحت أغطية الفرش الثخينة و المعاطف الصوفية السمراء
و ما عاد يمر عليّ شتاءً ينتفجر في براكين القلب بهجة و ينطفي فيهـا
هو الآن ،
يمر شتاءً قارسًا في القلب دافئًا في الأواصل
كنا صغارًا ،
ارتسمت لطفولتنـآ ملامحهـآالآولى هنـآك
حيث تعاريش المشمش و آفرع الزيتون
في أرض مباركة ، تداعبها بسمات الشمس على خجل ..
و كلمـآ ولدت منـآ واحدة ،
كان أبي يغرس شجرة
ترتوي من دفء الأرض غارسة جذورها في لجها العميق
حتى تتحرر تغصناتهـا منتصبة في هام السماء ..
لطـآلما بدوت صغيرة أمامهـآ ولا أزال
منذ غادرت تلك الأرض ، كل شتاء مر على قلبي قارسًا
و في كل شتاء كانت شجرتي تزيد في تعداد الأحزان حزنًا ..
و آزيد في تأخري عن مراسيم عناق أرضها أنينـًا
،
هي مثلي ..
مولودة شتوية ، رمادية الرسم و الملمح
طاغية الشموخ ، خافتة الحفيف إذا ما حل الشتاء ..
كلمـآ مرت سنة آعود ،
لأجد شتاء تلك الأرض أقسى ،
أدفأ في القلب ، أصرم على الحنايا
شتاء لا معاطف فيه و لـآ باعة للمظلات
كلهم واقعون في حب الشتاء و الرماد
كل أشجار المواسم الأخرى ذبلت
و غرفت في لون هشيم الورق ،
إلـآ أشجار الشتاء
بنبضنـآ تحيــى ..
و لـآ يتفتح الشتاء و يزدهر ،
إلا في قلوب خلقت شتوية الهوى ،
أنينة الأنفاس ..